الشيخة أفراح الصباح: “الشعر وجد لعلاج جنوننا.. و”شغف أزرق” رحلة بين الحنين والفقد”
خلال أمسية لإطلاق ديوانها الجديد في “الشارقة الدولي للكتاب”
الشارقة، 15 نوفمبر2024
“لديّ نافذة.. مشرّعة ذكرياتها على غفلات ماضيات.. اخترقت هدوءها اللحظة.. وخرج من صدرها… “شغف أزرق”. بهذه الكلمات والمشاعر تعرّف الشيخة أفراح مبارك الصباح، ديوانها الجديد “شغف أزرق”، الذي أطلقته في أمسية شعريّة مميّزة، ضمن معرض الشارقة الدولي للكتاب 2024، متحدثة عن عمق معانيه، وتجربتها الإبداعية، ودور الشعر في التعبير عن الذات واستكشافها.
وقدمت الشيخة أفراح خلال الأمسية التي أدارتها الشاعرة نجاة الظاهري، قراءة معمقة حول القصائد العشرين التي يجمعها ديوانها، والذي يعد على حدّ قولها محطة مهمة في مسيرتها الشعرية، مشيرةً إلى أنّ القصائد مستوحاة من مزيج من الذكريات والمشاعر، التي يعكسها اللون الأزرق وتنوع حالاته، لتروي قصصًا عن الفقد والحنين والحب من منظورها الخاص.
مسيرتها الشعرية وتطورها
وأوضحت الشيخة أفراح أن ظهورها الشعري ارتبط برغبتها في تقديم أعمال تليق بتاريخها العائلي وثقافتها، وقالت: “ديواني الأول ‘عويل لصمت لم يُسمع’ كان أشبه بمذكرات، بينما جاء ديواني الثاني ‘صندوق’ أنضج نوعاً ما. ولأنني أسعى دائمًا إلى المثالية في الكتابة وأرغب في أن يكون شعري انعكاسًا لشخصيتي وإرثي العائلي كان لا بدّ من ‘شغف أزرق’ لتحقيق ذلك. وأكدت أن الشعر يساعدها في صقل هويتها الإبداعية، وأن توقيت ظهورها لم يكن متأخرًا، بل جاء حينما كان يجب أن يأتي.
وأضافت: “شغف أزرق يحمل لمسات من الحنين والرجوع إلى الماضي، فالشاعر تجذبه الذكريات، وأنا أستلهم شعري من البحر، ومعظم قصائدي كتبت وأنا أمامه، هذه الزرقة تحمل مشاعر متناقضة كالحب والفقد والشغف”. واسترسلت في وصف النافذة التي تظهر على غلاف الديوان، قائلة: “النافذة رمز لأشياء وحكايات خلفها، وأجد في كل مشهد طبيعي قصة تُلهم قصائدي”.
قصائد مليئة بالحياة والمشاعر العميقة
وقرأت الشيخة أفراح من قصيدة “شغف أزرق”، والتي تحمل عنوان ديوانها الجديد، وتعبر فيها عن صراع داخلي بين الحنين والذكريات المؤلمة، حيث تتجدد مشاعر الفقد والخذلان مع مرور الوقت، فتقول فيها:
يؤرجحك ذلك الحنين
ما بين غرابة غرام وإباء مزعوم
رسائل في الهواء لا تصل، لا تصل
الحنين يعقد صفقة مع نفسه
يتجدّد كلّما مرّت بي ذكرى مشؤومة
لا مفرّ من البتر
المنافي والأغاني أوطان تتصدّع!
الشعر ملاذ للألم والتعبير
وعن مكانة الشعر في حياتها، قالت الشيخة أفراح: “الشاعر يعيش كل الأدوار ويتنقل بين الألوان، والشعر هو أداة للتعبير عن الذات الأنثوية وعن كل مشاعر السيدات، فهو يمنحني الفرصة لأعبّر عن الفقد والحنين والتحديات”. كما أضافت بأن الشاعر يعيش دور كل الشخصيات ويستمد من الطبيعة والألوان مشاعر تتجدد بمرور الأيام.
ولم يقتصر حديثها على الشعر، بل ربطت الشيخة أفراح بين الشعر والموسيقى، مبرزة شغفها بالعزف منذ صغرها، وأكدت أن الشعر والموسيقى كلاهما يشكلان حوارًا داخليًا، بين الشاعر وذاته، والموسيقي ونغماته، لتصل أخيرًا إلى وصف الشعر كوسيلة “لحماية النفس من جنون الحياة”.
الشاعرة العربية في المشهد الأدبي
وتطرّقت الشيخة أفراح كذلك لمكانة الشاعرة العربية في المهد الأدبي، لتقول: “برزت الشاعرة العربية في مشهد الأدب العربي بقوة ونجاح، حيث بات حضورها ليس فقط جميلًا ومتسيّدًا، بل مؤثرًا وملهمًا في مختلف الألوان الأدبية، خصوصًا الرواية التي حققت فيها الكاتبات العربيات نجاحات باهرة وأصبحت كتبهنّ من الأكثر مبيعًا. وأكدت أن انحيازها للمرأة ينبع من تقديرها للإرث المتعدد الذي تحمله المرأة على كتفها، وإصرارها على فرض وجودها على الساحة الأدبية، حتى في البيئات التي كانت تعيقها قديمًا وتدفعها للكتابة تحت أسماء مستعارة.
واختتمت الشيخة أفراح الصباح الأمسية بقراءة نص من قصيدة “في حضرة المتاهة العمياء”، التي جاءت مليئة بتأملات عميقة وأفكار عن الزمن والنفس، حيث تقول:
في القفار…
يسكن الوحدة
والوحدة عصاه
لا يجد الريح إلا حاديا..
والعيس التي مضت بالحلم تطوي نهار القيظ حسرة
هي التي…
احتار السؤال في إجابته
هي التي
اقترن الشك باسمها
واختلج الخطر بنعاس قسوتها
تاهت الفكرة بقتام أعمى
والظلُّ ظلَّ يبحث عن جسد فارغ
في حضرة المتاهة العمياء
الكل ينتظر دوي السقوط
وشكّلت الأمسية محطة مميزة لتعريف الجمهور بتجربة الشيخة أفراح الصباح الشعرية، وأبرز محطات مسيرتها التي تعكس شغفها بالكلمة وإبداعها المستوحى من أعماق الطبيعة وحنين الذكريات.