خبراء ومتخصصون في انطلاق “الشارقة لأمناء مكتبات المدارس”: المكتبة ركيزة بناء مجتمع معرفي مستدام
الشارقة، 15 إبريل 2025
أكد عدد من الخبراء المتخصصين في المكتبات المدرسية والتربويين الدوليين أن المكتبة المدرسية تشكّل ركيزة أساسية في تعزيز ثقافة القراءة مدى الحياة، وتعد من أهم محركات بناء مجتمع معرفي مستدام، مشيرين إلى دورها الحيوي في تنمية مهارات الطلاب، وتعزيز الرفاه النفسي والمعرفي لديهم، وتمكينهم من التفاعل النقدي مع المعرفة.
جاء ذلك في اليوم الأول من انطلاق فعاليات الدورة الأولى من “مؤتمر الشارقة لأمناء مكتبات المدارس”، الذي تنظمه هيئة الشارقة للكتاب بالتعاون مع جمعية المكتبات الأمريكية (ALA)، وجمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات (ELIA)، والجمعية الأمريكية لأمناء المكتبات المدرسية (AASL)، إضافة إلى معرض الكتاب المشترك (Combined Book Exhibit)، وذلك في مركز إكسبو الشارقة، بمشاركة واسعة من نخبة الخبراء والمعلمين والمشرفين التربويين من الإمارات والعالم.
نقطة الانطلاق نحو بناء مجتمع معرفي
وفي تعليقه على انطلاق فعاليات المؤتمر، أكد منصور الحساني، منسق عام المؤتمرات المهنية في هيئة الشارقة للكتاب، أن المدارس هي نقطة الانطلاق نحو بناء مجتمع معرفي متماسك، والمكتبات المدرسية تشكّل الأساس الذي تُبنى عليه علاقة الأجيال الجديدة بالقراءة والكتاب.
وأشار إلى أن هيئة الشارقة للكتاب، بتوجيهات الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة الهيئة، تنظر إلى هذا المؤتمر بوصفه مساحة لتبادل الخبرات، وفرصة عملية لتمكين العاملين في قطاع المكتبات المدرسية من الوصول إلى أدوات وتجارب عالمية تسهم في تحويل المكتبة المدرسية إلى بيئة تفاعلية محفزة.
وأضاف أن هذا التوجه يعكس قناعة راسخة بأن تعزيز دور المكتبة في المدرسة هو الخطوة الأولى نحو مجتمع يرتبط بالمكتبات العامة ويؤمن بقيمتها المعرفية والثقافية.
وافتتح المؤتمر بكلمة ترحيبية لمايكل داولينغ، مدير مكتب العلاقات الدولية في جمعية المكتبات الأمريكية، عبر فيها عن سعادته بالشراكة مع هيئة الشارقة للكتاب، مؤكداً أهمية تعزيز التعاون الدولي في تطوير مكتبات المدارس.
محركات أساسية لنشر ثقافة القراءة مدى الحياة
وفي كلمة افتتاحية ألقتها خلال انطلاق المؤتمر، أكدت بيكي كالزادا، رئيس الجمعية الأمريكية لأمناء المكتبات المدرسية، أن مكتبات المدارس أصبحت محركات أساسية لنشر ثقافة القراءة مدى الحياة، ومراكز لإلهام الأجيال القادمة لتكون أكثر انخراطاً في صناعة المعرفة.
ووصفت المؤتمر بأنه مساحة جامعة للإداريين والمعلمين وأمناء المكتبات ممن يتشاركون هدفاً مشتركاً يتمثل في تنشئة قرّاء يمتلكون شغفاً مستداماً بالقراءة والتعلم، مشيدة بدور هيئة الشارقة للكتاب في تنظيم هذا الحدث الذي يعكس التزام الإمارة بدعم التعليم والمعرفة.
وأوضحت كالزادا أن الجمعية بدأت برسم تصور واضح لمواصفات “القارئ مدى الحياة”، مشيرة إلى أن هذا النموذج لا يقوم فقط على التلقي المعرفي، بل على التفاعل النقدي والمشاركة في إنتاج المعرفة. وأضافت: “نطمح إلى جيل يقرأ كل يوم، يخطط لما يقرؤه، ويمتلك مكتبة منزلية خاصة؛ وهذه الصفات لا تولد بين عشية وضحاها، بل تُبنى عبر ثقافة ترسّخ خلال سنوات الدراسة، وهنا تكمن مهمتنا كأمناء مكتبات مدرسية في فتح نوافذ للطلاب على العالم من خلال الكتب، ومساعدتهم على تخطي حدود المنهج الدراسي لاكتشاف ذواتهم ومواجهة تحديات الحياة بثقة ووعي”.
القراءة للمتعة عنصر رئيس في تعزيز مهارات الطلاب
في أولى جلسات “مؤتمر الشارقة لأمناء مكتبات المدارس”، تناولت الدكتورة مارغريت ميرجا، الأستاذة المشاركة في جامعة نوتردام – فريمانتل بأستراليا، نتائج مسح القوى العاملة الدولية لمكتبات المدارس لعام 2024، الذي شمل بيانات من 63 دولة، مؤكدة أن القراءة من أجل المتعة تلعب دوراً حاسماً في بناء مهارات الطلاب وتحقيق رفاهيتهم النفسية والعقلية. وأشارت إلى أن هذه الممارسة تسهم في استدامة عادة القراءة مدى الحياة، وتغرس علاقة إيجابية بالكتاب.
وخلال الجلسة، شددت ميرجا على أهمية القراءة الجهرية بوصفها وسيلة فعالة لتعزيز التفاعل الوجداني مع النصوص، ورفع مستوى التركيز والفهم لدى الطلاب. وبيّنت أن القراءة يجب أن لا تقتصر على سنوات الدراسة فقط، بل يجب أن تمتد إلى فترات الإجازات، وأن يُتاح للأطفال الوقت والمساحة الكافية للقراءة الحرة سواء في الفصل الدراسي أو خارجه. وأضافت: “إذا فشلنا في تحفيز الكبار على القراءة، فكأننا نوجّه رسالة ضمنية بأن عادة القراءة مفيدة فقط للأطفال، بينما الحقيقة أن القراءة عادة تنمو وتُبنى مدى الحياة”.
ودعت ميرجا إلى تمكين أمناء المكتبات من أداء دورهم المحوري في تطوير ثقافة القراءة داخل المدارس، مؤكدة أن بناء بيئة مدرسية غنية بالمعرفة يبدأ من مكتبة نشطة وفاعلة. وأشارت إلى أن هناك مدارس ما تزال تفتقر إلى وجود مكتبات مدرسية، ما يجعل من الضروري مواصلة الحديث عن المكتبات بوصفها أحد أهم أدوات إحداث الفرق في حياة الطلاب. كما شددت على أهمية الاستثمار في مكتبات المدارس باعتباره استثماراً مباشراً في مستقبل الأجيال. ولفتت إلى أن الاستفادة من البيانات وتحليلها يعد من أبرز الأدوات التي تمكّننا من تطوير الأداء وتوجيه الجهود نحو احتياجات الطلاب الفعلية. كما طالبت بتوسيع الشراكة مع أولياء الأمور وتعزيز قناعتهم بدور المكتبة في حياة أبنائهم.