تربويات: الأسرة أساس غرس المعرفة وتطوير المناهج بوابة المستقبل

“الشارقة القرائي للطفل” يناقش “الأنظمة التعليمية وتنمية إبداع الطلاب”

الشارقة، 28 أبريل 2025 

أكدت خبيرات ومتخصصات في التربية والتعليم أن الإبداع لم يعد ترفاً بل أصبح حقاً أساسياً يجب أن تضمنه الأنظمة التعليمية لكل طفل، مشيرات إلى أن الأساليب التقليدية القائمة على الحفظ والتلقين تعيق تنمية قدرات الطلاب الإبداعية، مما يستدعي إعادة بناء الأنظمة التعليمية بما يتماشى مع متطلبات المستقبل، خاصة مع التحولات الكبرى التي فرضها الذكاء الاصطناعي.

جاء ذلك خلال جلسة حوارية بعنوان “الأنظمة التعليمية وتنمية إبداع الطلاب”، نُظمت ضمن فعاليات مهرجان الشارقة القرائي للطفل في دورته السادسة عشرة، وتحدثت خلالها كلٌّ من ديمة العلمي، المستشارة التعليمية ومؤلفة كتب الأطفال، والكاتبة الإماراتية المختصة بقضايا الأسرة والطفل مريم الشرف، وسيهريش فاروق، خبيرة برامج التعليم والتوعية.

التعليم في زمن شات جي بي تي

استهلت الندوة ديمة العلمي بطرح تساؤلات جوهرية حول قدرة الأنظمة المدرسية على مواكبة هذا التغير الجارف على كل المستويات، مشيرة إلى أن التعليم يُعد من أبطأ الصناعات تطوراً في العالم، حيث لا يزال شكل المدرسة والفصل وطريقة حضور المعلم أمام الطلاب يكرّر أنماطاً قديمة وضعتها الثورة الصناعية الأولى لخدمة الاقتصاد، دون أن تتبنى نفس المرونة التي أظهرتها مجالات أخرى كالتكنولوجيا أو الطب، لكن العلمي ترى أنه مع ظهور الذكاء الاصطناعي، بات التعليم يقف عند مفترق طرق مصيري، أوضحت قائلة: “المعلمون يدركون اليوم أن الطالب قادر على كتابة نص أو إجابة أو حتى إنشاء محتوى كامل بوتيرة أسرع بكثير بفضل الذكاء الاصطناعي، مما يفرض على المؤسسات التعليمية أن تعيد النظر جذرياً في بنيتها وأساليبها”.

الأسرة هي الأساس والحوار ضروريّ

من جانبها، أكدت الكاتبة الإماراتية مريم الشرف أن بناء ثقافة الطفل يبدأ أولاً من أسرته، باعتبارها المؤسسة الأولى والأعمق تأثيراً في تشكيل وعيه وتعليمه، وأوضحت أن مسؤولية المؤسسات التعليمية والاجتماعية كبيرة، لكنها تأتي لاحقة للدور الجوهري الذي تؤديه الأسرة في السنوات التأسيسية من عمر الطفل. وقالت مريم الشرف: “يمكن للأم أن تملأ مكتبة الطفل بالكتب الضرورية، لكن السؤال الأهم: هل تتحاور معه حول ما يقرأ؟ هل تشاركه التفكير أم تكتفي بتوفير الوسيلة دون التفاعل الحقيقي معها؟”.

 ونبّهت مريم إلى أن القراءة لا تترسخ بالكمّ وإنما بالحوار والنقاش والقدوة اليومية التي تقدمها الأسرة، معتبرة أن البيت هو أول مدرسة يتعلم فيها الطفل كيف ينظر إلى المعرفة: هل هي واجب ثقيل أم نافذة للدهشة والمتعة؟ كما شددت على أن دور المدرسة مكمل لا بديل عنه، محذّرة من أن تتحول المبادرات القرائية إلى عبء مفروض على الطلاب. وقالت: “حين تفرض المسابقات القرائية بطريقة إجبارية، يفقد الطفل إحساسه بأن القراءة فعل حر وشخصي، وينظر إليها كواجب مدرسي لا أكثر”.

الامتحانات عائق أمام الطلاب

من جانبها، تطرقت سيهريش فاروق للحديث حول الإبداع، مؤكدةً أن الإبداع في هذا العصر لم يعد ترفاً يمكن الاستغناء عنه، بل أصبح حقاً أساسياً لكل طفل يجب أن يكفله النظام التعليمي. وأوضحت: “الإبداع يجب ألا يكون امتيازاً يُمنح للبعض دون الآخرين، بل هو حق أصيل لجميع الأطفال، بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية أو الاقتصادية”.

كذلك أشارت فاروق إلى نقطة ثورية خلال حديثها، وهي أن الامتحانات الموحدة تُعد من أبرز العوائق في هذه الأنظمة التعليمية، قائلة: “التركيز المفرط على الحفظ والتلقين يحرم الطلاب من فرصة التفكير خارج الصندوق، ويقيد نموهم الإبداعي”، كما لفتت النظر إلى أن المعلمين في هذه المدارس غالباً ما يفتقرون إلى التدريب والدعم الكافي من المؤسسات الرسمية، مما يحد من قدرتهم على خلق بيئة تعليمية محفزة.

-انتهى-

LEAVE A REPLY